منتدى غرفة منبر أهل الأثر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى علمي دعوي تربوي على منهج السلف الصالح


    المحاضرة (6): الشرك

    avatar
    حاملة المسك


    المساهمات : 26
    تاريخ التسجيل : 01/04/2009

    المحاضرة (6): الشرك Empty المحاضرة (6): الشرك

    مُساهمة  حاملة المسك الخميس أبريل 02, 2009 8:57 pm

    بسم الله الرحمن الرحيم

    معنى الشرك لغةً . قال في النهاية : (( ومن أشرك بالله فهو مشرك إذ جعل له شريكاً ، والشرك : الكفر))أ.هـ

    أنواع الشرك :
    قد قدمنا انقسام التوحيد إلى قسمين : توحيد المعرفة والإثبات : هو الأسماء والصفات ، و توحيد الطلب والقصد: هو توحيد الإلوهية والعبادة, ولكل من هذه الأنواع ضد يفهم من تعريفه .

    1. الشرك في الربوبية : وهو نوعان :

    أحدهما : شرك التعطيل : والمراد بالتعطيل نفي الصفات الإلهية وإنكار قيامها بذاته تعالى .
    وهو أقبح أنواع الشرك كشرك فرعون ، إذ قال وما رب العالمين ؟ ومن هذا شرك الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته وإنه لم يكن معروفاً أصلاً بل لم يزل ولا يزال والحوادث بأسرها مستندة عندهم بأسباب ووسائط اقتضت إيجادها يسمونها العقول والنفوس . ومن هذا شرك أهل وحدة الوجود كابن عربي وابن سبعين والعفيف " الفاجر " التلمساني وابن الفارض ونحوهم من الملاحدة الذين كسوا الإلحاد حلية الإسلام ومزجوه بشيء من الحق حتى راج على خفافيش البصائر ومن هذا شرك من عطل أسماء الرب وأوصافه من غلاة الجهمية والقرامطة .

    الثاني : شرك التمثيل : شرك من جعل معه إلهاً آخر ولم يعطل أسمائه وربوبيته كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة وشرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور وحوادث الشر إلى الظلمة . ومن هذا شرك كثير ممن يشرك بالكواكب العلويات ويجعلها مدبرة لأمر هذا العالم كما هو مذهب مشركي الصابئة وغيرهم .ويلتحق به من وجه شرك غلاة عبّاد القبور الذين يزعمون أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت فيقضون الحاجات ويفرجون الكربات وينصرون من دعاهم ويحفظون من التجأ إليهم ولاذ بحماهم فإن هذه من خصائص الربوبية كما ذكر بعضهم في هذا النوع .

    2. الشرك في الأسماء والصفات : وهو نوعان :
    أحدهما : تشبيه الخالق بالمخلوق : كمن يقول يده كيدي ، وسمعه كسمعي ، وبصره كبصري ، واستواءه كاستوائي وهو شرك المشبهة .
    الثاني : اشتقاق أسماء الآلهة الباطلة من أسماء الآلهة الحق قال تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (180) سورة الأعراف .قال أبن عباس رضي الله عنهما: يلحدون في أسمائه : يشركون . وعنه سموا اللات من الإله والعزيز من العزى .

    3. الشرك في توحيد الإلهية : وهو نوعان . قال ابن القيم :
    والشرك فاحذره فشرك ظاهر ذا القسم ليس بقابل الغفران
    وهو اتخاذ النـد للرحـمن من حـجـر ومن إنـسان
    يدعوه أو يرجوه ثم يـخافه ويحـبه كـحب الديـان

    الأول :الشرك الأكبر : أن يجعل لله نداً يدعوه كما يدعوا الله ويسأله الشفاعة كما يسأل الله ويرجوه كما يرجوا الله ويحبه كما يحب الله ويخشاه كما يخشى الله وهذا الشرك الأكبر وهو الذي قال الله فيه : {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا } (36) سورة النساء.
    الثاني : الشرك الأصغر : كيسير الرياء والتصنع للمخلوق وعدم الإخلاص لله تعالى في العبادة بل يعمل لحظ نفسه تارة ولطلب المنزلة والجاه عند الخلق تارة فله من عمله نصيب ويتبع هذا النوع الشرك بالله في الألفاظ كالحلف بغير الله وقول ما شاء الله وشئت وما لي إلا الله وأنت ونحوه وقد يكون ذلك شرك أكبر بحسب حال قائله ومقصده .

    - فصل –


    مزيد بيان الشرك الأكبر والأصغر في الإلوهية :


    قال العلامة أبن باز : (( وضد التوحيد : الشرك وهو أنواع , شرك أكبر وشرك أصغر فالشرك الأكبر هو ما يتضمنه صرف العبادة لغير الله أو بعضها أو يتضمن جحد شيء مما أوجبه الله من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة كالزنا والخمر ونحوها أو يتضمن طاعة المخلوق في معصية الخالق على وجه الاستحلال وإنه يجوز أن يطاع فلان وفلانة فيما يخالف دين الله عز وجل من رئيس أو وزير أو عالم أو غيرهم فكل ما يتضمن صرف بعض العبادة لغير الله كدعاء الأولياء والاستغاثة بهم والنذر لهم أو يتضمن استحلال ما حرم الله أو إسقاط ما أوجب الله كاعتقاد أن الصلاة لا تجب أو الصوم لا يجب أو الحج مع الاستطاعة لا تجب أو الزكاة لا تجب أو أعتقد أن مثل هذا غير مشروع مطلقاً كان هذا كفراً وشركاً أكبر لأنه يتضمن تكذيب الله ورسوله .

    وهكذا لو اعتقد حل ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة كاستحلال الزنا والخمر وعقوق الوالدين أو أستحل قطع الطريق أو اللواط أو أكل الربا وما أشبه ذلك من الأمور المعروفة تحريمها بالنص والإجماع إذا أعتقد حلها كفر إجماعا نسأل العافية وصار حكمه حكم المشركين شركاً أكبر .
    وهكذا من استهزأ بالدين وسخر به حكمه كفر أكبر كما قال تعالى : {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ} (65) سورة التوبة . وهكذا لو استهان بشيء مما عظم الله احتقارا له وازدراءا له كأن يستهين بالمصحف أو يبول عليه أو يقعد عليه وما أشبه ذلك استهانة ً به فقد استهان بالله عز وجل وهذه الأمور قد أوضحها العلماء في باب حكم المرتد ففي كل مذهب من المذاهب الأربعة ذكروا باب سموه حكم المرتد وأوضحوا فيه جميع أنواع الكفر والضلال وهو باب جدير بالعناية ولا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه أنواع الردة والتبس الأمر في ذلك على كثير من الناس فمن عني به حق العناية عرف نواقض الإسلام وأسباب الردة وأنواع الكفر والضلال فالواجب على كل مؤمن أن يحذر ذلك وأن يبتعد عن هذه الأنواع ولا سيما الشرك الأكبر فإنه أعظم ذنب عصي الله به وأعظم جريمة وقع فيها الخلق وهو الذي قال سبحانه وتعالى فيه : { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (88) سورة الأنعام ,وقال فيه : { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (72) سورة المائدة , و قال تعالى : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } (48) سورة النساء .فمن مات عليه فهو من أهل النار جزماً والجنة عليه حرام وهو مخلد في النار أبداً نعوذ بالله من ذلك .

    أما الشرك الأصغر : فهو أكبر الكبائر وصاحبه على خطر عظيم لكن قد يمحى عن صاحبه برجحان الحسنات وقد يعاقب عليه ببعض العقوبات لكن لا يخلد في النار خلود الكفار فليس مما هو يوجب الخلود في النار وليس مما يحبط الأعمال ولكن يحبط العمل الذي قارنه, فالشرك الأصغر يحبط العمل المقارن له كمن يصلي يرائي فلا أجر له بل عليه أثم, إلى أن قال: فالشرك الأكبر ينافي التوحيد وينافي الإسلام كلياً والشرك الأصغر ينافي كماله الواجب فلابد من ترك هذا وهذا))أ.هـ

    - حقيقة الكفر : معنى الكفر لغةً ، الستر والتغطية فالعرب تسمي الليل كافراً لأنه يستر الأشياء ويخفيها وتسمي الفلاح كافراً لأنه يغطي الحب مع التراب .
    معنى الكفر شرعاً : رد الحق بعد معرفته .

    1. الكفر الأكبر : قال أبن القيم : (( وكفر الجحود نوعان : كفر مطلق عام ، وكفر مقيد خاص )).
    فالمطلق : أن يجحد جملة ما أنزله الله وإرساله رسله .
    والخاص : أن يجحد فرضاً من فروض الإسلام أو تحليل محرم من محرماته أو صفة وصف الله به نفسه أو خبراً أخبر الله به عمداً أو تقديماً لقول .
    -وكذلك يعرف بأنه الجحود لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو جحد بعض من خالفه عليه لغرض من الأغراض وأما جحد ذلك جهلاً أو تأويلاً يعذر فيه صاحبه ولا يكفر صاحبه كحديث الذي جحد قدرة الله عليه وأمر أهله أن يحرقوه ويذروه في الريح ومع هذا قد غفر الله له ورحمه لجهله إذ كان ذلك الذي فعله مبلغ علمه ولم يجحد قدرة الله على أعادته عناداً وتكذيباً ))

    2. الكفر الأصغر " العملي " : قال أبن القيم : (( فالكفر الأكبر هو الموجب للخلود في النار والأصغر موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود ، كما في قوله تعالى وكان مما يتلى فنسخ لفظه : (( لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم )) وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : (( اثنتان في أمتي بهم كفر الطعن في الأنساب والنياحة )) وقوله في السنن : (( من أتى امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد )) وفي الحديث الآخرالمحاضرة (6): الشرك Frown( من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله على محمد )) وقوله : (( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض .. )) إلى أن قال أبن القيم والقصد : إن المعاصي كلها من نوع الكفر الأصغر فإنها ضد الشكر الذي هو العمل بالطاعة فالسعي أما الشكر وأما كفر وأما ثالث لا من هذا ولا من هذا والله أعلم .
    وقال أبن القيم : ((وهاهنا أصل آخر . وهو أن الكفر نوعان كفر عملي وكفر جحود وعناد ، فكفر الجحود أن يكفر بما علم أن الرسول جاء به من عند الله جحوداً وعناداً من أسماء الرب وصفاته وأفعاله وأحكامه وهذا الكفر يضاد الإيمان من كل وجه ، وأما كفر العمل فينقسم إلى ما يضاد الإيمان وإلى ما لا يضاده فالسجود للصنم والاستهانة بالمصحف وقتل النبي وسبه يضاد الإيمان .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 9:45 am